حالات إنسانية»… معرض جماعي يحكي عذابات الناس في شرقنا
في كاتالوغ معرض «حالات انسانية» ورد أن «حالاتنا البشرية تتشكل من ثقافتنا وتاريخنا وظروفنا الشخصية. وتتأثر أيضاً بمسائل وجودية كبرى مثل البحث عن معنى الحياة. وطبيعة الواقع ووجود قوة عُليا». إنه الفن في أرقى دلالاته والتصاقه بمشاعر الناس.
15 فناناً تشاركوا في التعبير عن مشاعرهم وظروفهم وأسئلتهم. 60 عملاً فنياً منوعاً بين لوحة ووسائط مختلطة ومختلفة، من أعمال على الورق والتصوير الفوتوغرافي والمنحوتات والشعر وفن الفيديو.
الفنانون/ ات المشاركون في معرض حالات إنسانية هم: آيا أبو هواش، ودزوفيك أرنليان، وإليزابيث هفتي خوري، وجوانا رعد، وكريكور أفيسيان، ولودي صبرا، وميسا خوري، وماري كعدي، ومارال دير بوغوصيان، وموشيغ كارافارتانيان، ونورا البقار، وسركيس سيسليان، وطارق صعب وتوفيق ملحم. أما المساحة التي اُفردت باتساع ملحوظ فكانت للفنان السوري جوني سمعان. الحالات الإنسانية، التي عبّر عنها وجدت نبعها في الجرح السوري النازف منذ أكثر من عقد. وهكذا انساب جوني سمعان مع ألوانه المرهقة في التعبير عن الحالة السورية، بما فيها من آلام وجراح ونزوح وتشتت. ناس سمعان مرهقون، ومعلقون بين السماء والأرض. فهم حيال احتمالين النجاح بالهروب أو الفشل. ولكل من النجاح والفشل احتمالاته بين سلبي وإيجابي.
جوني سمعان رسم البشر في حالات التيه. رسمهم جماعات ووحدانا، بأجساد تنزّ إنهاكاً ووجعاً. عبّر من خلال الزيت والفحم والطباعة والكتابة وصولاً إلى التجهيز. يقول لـ»القدس العربي»: التنقل هو مشروعي الخاص.. أحاول التقاط الهجرة والتعبير عن الشعور الجماعي.
رمادية بالغالب ألوان جوني سمعان، وشخوصه مطأطئو الرؤوس. وقد يطيرون أحياناً، أو يصابون بانعدام الوزن، ربما هي جدلية التشرد والتيه بعيداً عن الجذور. صار لناس لوحاته جينات متوارثة، فهم يحملون سمات عديدة مشتركة.
وجع طازج: شظايا انفجار مرفأ بيروت
الفنان اللبناني توفيق ملحم، عايش أكثر من حالة إنسانية بعد تفجير المرفأ. عايش الضعف والقوة والصلابة في مواجهة الكارثة. لتوفيق تجربة شخصية يعيشها مع والده الذي يحمل في جسده بقايا من رصاصات الحرب الأهلية، وأضاف إليها مزيجاً من زجاج منوّع اخترقه خلال انفجار المرفأ. أما بقايا الرصاص فيعود للحرب الأهلية حين كان والده جندياً في الجيش اللبناني. فالرصاص برأي توفيق ملحم يساوي صرخة، والرصاص مضافاً إليه الزجاج يساوي الانفجار. خاصية هذا الفنان تكمن بلجوئه إلى الأرض مستخرجاً منها ما يناسبه لتكوين شخوصه الذين وضعهم في ما أسماه «غرفة الفن القاتل»، وكذلك الكثير من الرصاص. إنها منحوتات لبشر معذبين. يعرف ملحم مصدر العذاب وكله أمل أن يشكل تعبيره الفني حافزاً للأجيال المقبلة بعدم التأثر بالأحزاب السياسية، التي يرى فيها سبباً للحروب والتفرقة.
التعبير عن الحالات الإنسانية تشعّب وصولاً إلى الوجع النفسي، والتي جسّدها كريكور أفيسيان بمنحوتة الوجع المتخفي خلف القماش. فيما أبحرت نورا بقّار في جسد المرأة فأظهرت عذاباته.
من الألم والعذاب والمآسي غيّرت دزوفيك آرنيليان الموضوع كلياً واختارت الألوان الزاهية لترسم لحظات حميمة ولطيفة وعاطفية في حياة الناس، وبخاصة علاقة المرأة بالرجل.
والمحطة الأخيرة من المعرض كانت في غرفة الطفولة. إنها الألوان المفرحة والمفرفحة التي يختارها الأطفال دون تفكير معمّق ودون حسابات. في تلك الغرف المفرحة تداخلت أنوع الرسم، لكنّها بقيت رقيقة وحالمة مع الأكواريل والباستيل زيت.
بخلاف جو سمعان المعروف عالمياً، جمع معرض «حالات إنسانية» فنانين شباب وناشئين قد يشكلون صورة لمستقبل الفن في لبنان.
Link to article: https://tinyurl.com/ytts7drp